استعمال اسم الفاعل ببلاغة دلالة معناه :
في قوله تعالى ( أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) لم يقل "فَطَر" رغم أن الحدث المَتكَلّم عنه وقع في الزمن الماضي، والفرق بينهما أن اسم الفاعل (فاطر) يدل على ثبوت الوصف في الزمن الماضي ودوامه فيه، فالمعنى من الآية هو أن الله قام بخلق السموات والأرض ولكن ليس مجرد قيام بخلقها فحسب، فكان أن حصل الخلق وانتهينا، لا بل تحققت له تلك الصفة حينها على أكمل وجه، وهذا هو الفرق بين فاطر السموات والأرض، وفطر السموات والأرض.
نعم قد وردت في آية أخرى كلمة (فطر) في قوله تعالى (إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا ۖ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) ولكن السياق مختلف، وكل كلمة أدت المعنى المطلوب منها، ففي الأولى كان السؤال هل هنالك شك في الله؟! وهو الخالق الذي تحققت له صفة الخلق! فكان ذكر اسم الفاعل (فاطر) مناسبا ليدل على ذلك، بينما في الثانية وردت على لسان سيّدنا "إبراهيم" وهو مؤمن بها وليس شاكّا كي يُثبتَها لنفسه.
وفي معاني الإستقبال المتحققة، ورد اسم الفاعل في القرآن ليؤدي المعنى المطلوب، وهو ثبوت تلك الحقائق، كما في الأمثلة التالية:
(وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً)
(رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لَّا رَيْبَ فِيهِ ۚ)
(إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِّن طِينٍ )
وأحيانا يفيد تحققه واستمراره كما في قوله تعالى (إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَىٰ ۖ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ ۚ ذَٰلِكُمُ اللَّهُ ۖ فَأَنَّىٰ تُؤْفَكُونَ).