غـواسقُ الـظلمِ أضـحى لـيلُها يـقبُ
تـبكي عـلى مـا اعـتراكم أيُّها العربُ
تـبـكي عـلـى أمــةٍ مـاتت ضـمائرها
وأصـبحت صـخرةً لـم تُـجْدِها الخُطبُ
تـسفي الـرياح عـليها وهـي ساكنةٌ
وغـيـض مــاء بـها واسـتمرئ الـطرب
وكـانـت الـشـمسُ حـتـماً لا تـغادرها
والـبـدرُ عـن سـاكنيها لـيس يـحتجب
والـيـاسمينُ عـلـى أكـتافها هـجعتْ
أزهــــارُهُ كــبـسـاطٍ ثــوبُــه قــشِـبُ
ويـمتطي صـهوةَ الـفجرِ الـندى كـلفاً
بـهـا وتـهـوي إلـى عـليائِها الـسُّحُبُ
لا تـعـرفُ الـظـلمَ فـي أحـكامها أبـداً
ولا يــبــيـنُ بــهــا شــــك ولا ريــــب
لـكـنَّها مــذ نــأتْ عــن درب خـالـقها
بـدتْ كـما لو تغشَّى جسمَها الجرَبُ
ومــزقـت بِـــدداً واسـتـثـقلت عــدداً
كـما الغثاء الذي في السيل يضطرب
وروعــت وهـي حـبلى واكـتوت ألـماً
وأجهضت وهي في أحشائها (كَرَبُ)
غـواسـقُ الـليل قـد لـفَّتْ مـساكنَها
فـالخوفُ مـنها وفيها السهدُ والوَصَبُ
فـالـشـامُ أثـقـلـتِ الأحـقـادُ كـاهـلَها
وحـمصُ تـبكي أسىً لما ذوت حلبُ
والـروسُ والـفرسُ قـد أبدوا نواجذَهم
لـما اسـتكانتْ وأوهـى قـرنَها الـتعبُ
سـهلُ الـعراق غـدتْ أشـجارُه يَـبَسَاً
ونـهـرُ دجـلـةَ تـسـتشري بـه الـنُّوَبُ
وحــــولَ بــغــدادَ أطــيــافٌ تـزلـزلـهـا
فــي كــلِّ يـومٍ نـرى بـغدادَ تُـغتصَبُ
وحـضـرمـوتُ عــلـى أبــوابِ قـلـعتها
حـمى الـوطيسُ فـلا عـهدٌ ولا نسبُ
وفــــــي الــكـنـانـةِ أزلامٌ تــدنِّـسُـهـا
مــا راعـهـم أســفٌ أو رابـهـم عـتـبُ
والـنـيـلُ قـــد جـــرَّدوه مــن نـضـارته
ولـيـس ســرَّاً إذا أمـسـتْ بــه نُـدُبُ
والـمـغـربُ اسـتَـعََرت نـيـرانُه حِـمـماً
نــزاعـةً لـلـشـوى يـعـلـو بـهـا اللهبُ
مــاذا جــرى ويـحكم يـا أيُّـها الـعربُ
إنـي لـما قد سرى من أمركم عَجِبُ
عـودوا لـحبل التقى مستعصمينَ به
عـسى تـعودُ الـرؤى والـقادة الـنُّجُبُ
واستمسكوا بعرى الإسلام فهو لكم
دربُ الــخـلاص وفـيـه تُـفـرجُ الـكُـربُ
ايـراهـيـــــم الأحــمـــــــد