في موكب التشريدِ سرتُ مواطناً هجرَ الوطنْ

لم يلقَ فيه سعادةً .. لم يَدرِ ما طعمُ الوسنْ

فصباحهُ فجرُ الأسى.. ومساؤهُ ليلُ المِحنْ


في موكب التشريد أَسري

لست أدري، أين قصدي؟!

كلّ ما أدريه أني هائمٌ في الدربِ وحدي

أجرعُ الآلامَ أقتاتُ الأسى في ليل بُعدي


ورحلتُ في الدنيا البعيدهْ

ومدامعي سقطتْ شهيدهْ

ورحلت تطردني الكرامهْ

لم يبقَ مني غير هامةْ


في الدرب قال ليَ العجوزْ:

" أيجوزُ تهجرُ يا بُنيَّ الأَرضَ

قل لي: هل يجوزْ ؟!"

عمّاهُ:

إني لا أُجيد الفَهم عن لغة السياطْ

فالكوخ كوخٌ .. والبلاط هو البلاطْ

عمّاهُ:

إني لا أُحبّ العيشَ في قبر السجونْ

أنا بلبلٌ يهوى الحياةَ تنقّلاً بين الغصونْ

أخشى يُقالُ: بأنني متطرّفُ ‍

أخشى يقال ليَ: اعترفْ ، فأقولُ ما لا أعرفُ!


أَبنيَّ:

اِسمعْ ما أقولُ وكنْ حَفِيّا

أنا ما أَردتُ لك الغِوى فاسمعْ لِنُصحي يا بُنيّا

إني لأَلمحُ فيك إعصاراً قويّا

يمحو الظلامَ ولا يَذرْ

بيمينه سيفُ القدرْ

عُد لليهودِ وقل لهم:

قد تُهرقون محابري

قد تحرقون دفاتري

وتحاصرون مشاعري

لكنكم لن تَحلُموا أن تُسقطوا مني لوائي

أو تبلغوا يوماً سمائي

فالفجر بعضٌ من سنائي

إني ارتديتُ عقيدتي

لن تَنـزعوا عني ردائي

عد لليهود وقل لهم:

أنا مسلمٌ أمضي وأمضي في ركاب الأنبياءِ

عُدْ يا بُنيّ لكي نعودْ

للقدس نملؤُها ورودْ

عدْ يا بنيّ مع الأسودْ

أقسمتُ أنك لن تسودْ

إلا إذا دُحِر اليهودْ


في لحظةٍ أحسَسْتُ بالإيمان يشرق من جديدْ

فرنوتُ للأُفـُق البعيدْ

للفجرِ .. للإنسانِ .. للإيمانِ .. للعيش الرغيدْ

فخلعتُ أثوابَ الدنيّهْ

ورجعتُ أبحثُ عن هُويّهْ

حتى وجَدْتُ البندقيهْ

أسامة أحمد