-1 –
في المدرسةِ
كان المعلمُ يتّهمني بأنّي فوضوي
رغمَ جلستي الصحّية
وصمتي الصّارخ
وأحياناً بأنّي سريالي
رغمَ أنّي كنتُ واضحاً كأجراس الشمس ِ
ربَّما لأنّي كنتُ أُتقِنُ بعض العناد
أو ربّما لأنّي أتلعثمُ في بعض الأناشيد

-2 –
أول مرة سمعتُ فيها عن الديناصورات
كان في درسِ العلومِ
زعموا عنها الحكايات والأساطير
حتى أنّي سئِمتُ التنقيب عن هياكلِ تلك المخلوقات
قيل لنا أنّها انقرضتْ
منذُ عهد اللاكائنات
عندما كانتْ الكواكبُ تتراشقُ الشهبَ
تلكَ المخلوقاتُ لم تفنَ بعد
فما زالتْ تقتاتُ على أحلام الآدميين
عندما يُسلَبُ الآدميُ الأحلام الآدمية
يُدَكُّ الصباحُ
ويأبى الحيادُ الحيادَ

-3 –
مازلتُ أحلمُ بطفولتي الهاربة إلى البراري
لأنّي لم أُولدْ بَعدْ
مازلتُ أعشقُ المطرَ
و أُجَنُ مع المطرِ
و أُنصتُ لشغب الطيور المهاجرة
حتى أنّي أُضاهي نزق الربيع المنتشي بالأزهارِ
ما عادتْ المعاجمُ تحتوي معانينا الفارهةِ حدَّ البذخِ
أمَّا السنابلُ
فمازالتْ تبحثُ في جعبة الريحِ عن صدى هسهسةٍ
وتلك البصَّارة
تدعو المساءَ إلى وليمة النجمِ والقمرِ
تشي للّيلِ عن عشقها الخرافي
تحلمُ بحبورٍ بطرحتها البيضاء
المشغولة من ريش الثلجِ
ربما كانتْ فكاهة من نقش الغجرِ على الأقدارِ
تهزُّ خلخالها
لتغري الحلم الخجول

-4 –
للريحِ حقائبٌ
يجرجرها من زمنٍ إلى زمنٍ
وترى الشوقَ كالطريدةِ تستفزّ القنائصَ
محمّصاً في أواني الغيابِ

-5 –
يتدثّرُ المكانُ بالليلِ المزركشِ بالكواكب العتيقة
والشهبُ تهتكُ عباءَة الفسحةِ التي في السماء
تدسُّ الطيشَ هنا وهناك
وتبحثُ عن أبطالٍ لقصصه الخرافية
ربما كان مشهداً جميلاً في حضرة المكان ِ

-6 –
كنتُ هناكَ
عندما كان الغيابُ يُحتَضَرُ
و تواسيهِ الحقائبُ والأقفالُ

-7 –
تراودني الصور العابرة
عن قرانا الأنيقة رغم جحود الأقدارِ
قرانا المليئةِ بالحكايات المعتقة
هذه صباحاتها مشغولة من الندى
اشتقتُ فيها إلى أسراب القطا وهي تنثرُ المدى
وتجمعُ أحاديثَ النسوة حول التنّور
اشتقتُ لعرس المطرِ
لنجلي الأزقّة من خيال النجوم الباهتة
وبقايا ريش الطيور الكاسرة
بعد هزيمتها في نزالها الأخير مع سراب القمر
-8 –
أنا كنتُ أبحثُ عن هويةٍ لي
بين جهاتِ المكانِ
وبين مفرداتِ المعاجمِ الفضفاضة
أو ربما هناك عند حدود الحلمِ
فاخترتُ النبعَ كي امتطي الغيمَ
لأنسابَ على جهاتي
وحيث أهطلُ
أُزهِرُ نرجساً وياسميناً
وأنثر أسراب الحجل فوق الغيم
أو أجري في عروق الأرض جداولاً
كي أعانق الخابور ودجلة
ربما أجد بعضي هناك
فانا البردي وأنا القصب ’أنا حقول القمح
أنا عروق العنب
وأنا بيادر العدس
أنا أزهار القطن في حقولك
مازلتُ كما عهدتني ألقي التحيّة على الصباح
ذاك الصباح المتخم بأنفاس الجوري
فإليك منّي تحية الصباح يا أستاذ
صباح الخير
لقد بدأ درسٌ جديد …….!!!
كلمات:عامر عثمان