قال تعالى على لسان موسى عليه السلام "رب إني لما أنرلت إلي من خير فقير". هذا القول هو كقول أيوب عليه السلام : "انِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ".
وقول يونس عليه السلام : " لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ". تثني على الله وتطلب حاجتك.

"رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ" أي: إني مفتقر للخير الذي تسوقه إليَّ وتيسره لي. هَذَا وَصْفٌ لِحَالِهِ بِأَنَّهُ فَقِيرٌ إلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إلَيْهِ مِنْ الْخَيْرِ، وَهُوَ مُتَضَمِّنٌ لِسُؤَالِ اللَّهِ إنْزَالَ الْخَيْرِ إلَيْهِ. 

لمَّا اسْتَرَاحَ موسى مِنْ مَشَقَّةِ السفر وَالسَّقْيِ لِمَاشِيَةِ الْمَرْأَتَيْنِ، وَوَجَدَ بَرْدَ الظِّلِّ، تَذَكَّرَ بِهَذِهِ النِّعْمَةِ نِعَمًا سَابِقَةً أَسْدَاهَا اللَّهُ إِلَيْهِ، مِنْ نَجَاتِهِ مِنَ الْقَتْلَِ، وَتَخْلِيصِهِ مِنْ تَبِعَةِ قَتْلِ الْقِبْطِيِّ، وَإِيصَالِهِ إِلَى أَرْضٍ مدينٍ، تَذَكَّرَ كل ذَلِكَ، فَجَاءَ بِجُمْلَةٍ جَامِعَةٍ لِلشُّكْرِ وَالثَّنَاءِ وَالدُّعَاءِ وَهِيَ: "إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ". 
وَالْفَقِيرُ: الْمُحْتَاجُ، فَقَوْلُهُ : "إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ" :شكر عَلَى نِعَمٍ سَلَفَتْ،  وَثَنَاءٌ عَلَى اللَّهِ بِأَنَّهُ مُعْطِي الْخَيْرِ.
وكلمة فقير تعني: رب إني ضعيف، رب إني إلى فضلك ومنك وكرمك مفتقر ومحتاج. 
والله تعالى اعلم واجل.