بكتْ حُروفي معي واستعْبَرَ الـورَقُ
وَتَيَّمَتْنِـيْ صَـبَـابَاتٌ لـها حُـرَقُ
و أُتـرِعتْ من أُوارِ الشَّوقِ أوردتي
و ملَّني فـي دُجايَ الـنَّجمُ والغَسـَقُ
وانسابَ غيثُ الْجَوى جَمراً بقافيةٍ
تَسُحُّ دمعاً شكتْ من وَهْجِه الْحَـدَقُ
وَأمطـرتْنـي دياجِيْرُ الأسى حُمَمَاً
حتى نَما فـي قِفاري السُّهْـدُ والأرَقُ
ففي حَشَايَ جَوىً مُضْنٍ يُؤرِّقنـي
وفـي الْمُحَيَّا دمٌ كالسيـلِ ينْـطَلِقُ
أُلَـمْلِمُ الـدَّهرَ آهـاتـي وأَنْثُرُها
ثكلى وحيْرى يُغَشِّي ليـلَـها القَلَقُ
وأعـتلي نُوقَ تَحْنانٍ مُـجَـنَّحَةً
وخـيلَ عشقٍ تَخَطَّتْ خَيْلَ مَنْ سَبَقوا
و أمتطي من تباريح الـهوى سُفُنَاً
إلـى غيـاهب تِيْـهِ الْوَجْـد تَستَبِقُ
..أمضي وأمْخُرُ لُجَّاً مـاؤُهُ شَـبِمٌ
وبـي أُوامٌ ..فيـروي غُلَّتِي الشَّـرَقُ
وَذَوَّبَتْ زَفَراتُ الصَّـدرِ أشْـرعتي
فَبِتُّ وَحْدي وأفـنـى مُهْجتي الغَـرَقُ
..دعنِي بيَـمِّ الأسى أهوي بِلُجَّـتِهِ
وأرشُـفُ البؤسَ حتَّى يَيْبَس الـرَّمَـقُ
وسلْ حَمائِمَ غُصن البانِ : هل أبداً
بشجـونا ونَحيبِ القلبِ نَتَّـفِـقُ ؟!
ساءلتُ من هـام قلبي في مَرابِعِهِم
بل تَيَّموني ـ يَميناً ـ مـنـذُ أن خُلِقوا
حتامَ أبقى أسيرَ الـهَجْر فـي وَلَهٍ
أبغي وصالاً ولو حُلْماً ؟ فـمـا نطـقوا
…فَسِرْتُ في طُرُقِ الأشواق أَذْرَعُها
أَحْـدُو حَنِيْنِي فَتُـذري دَمْعَـهَا الطُّرُقُ
وفي الدُّجى داعَبَتْ جَفْنَيَّ أَخْيِـلَةٌ
وذكـرياتٌ بِلُـبِّـي نَشْـرُهـا عَـبِقُ
وكـم أناجي لَهُم طيفـاً يُوَدِّعُنِيْ
ضُحَـىً فيظلم عـندي الصُّبْحُ و الأُفُقُ
لا تعجبوا من غرامٍ كادَ يَقتـلنـي
فهكذا حـال مَـنْ ذاك الحمى عَشِقُوا
شعر : مصطفى قاسم عباس