ابدأ باسم ربك… وافتح وجدانك وقلبك… وشاركني بعد النهاية رأيك.

حكاية فارس
استفاق فارسنا مبكرا وهو يشعر ببعض الكآبة والضعف؛ نظر الى نفسه بالمرآه فلاحظ شحوبا غير معهود. فهوالشاب في مقتبل العمر ؛ جميل بهي الطلعة ؛ مفتول العضلات ذو عقل رزين وقلب ينبض بالحياة.
أحس بكائنات طفيلية غريبة تهاجم جسده؛ تدخل خلسة وتنشر فسادها في دمه وأحشاءه وتثقل عليه طيب العيش. راجع الطبيب تلو الطبيب واستعان باخوانه وخلانه وجيرانه ؛ ولكن وقعت النكبة وتوطنت الطفيليات مستولية على جزء حساس وحيوي من جسده.
استمر الالم وامتدت المعاناة طويلا؛ وكذلك النضال المتواصل ضدها؛ وبعد عشرين شهرا الا قليلا ؛ أحس ثانية بموجة أكبر من الطفيليات تهاجم قلبه محاولة الاستيلاء عليه واحتلال أجزاء أخرى من جسده؛ وشرعت مستعمرات غاشمة منها تنتشر لتقطع أوصاله.
وقامت القائمه وبدأ فارسنا يضيع حروف اسمه؛ فاستغاث مجددا باخوانه وجيرانه ليذكروه بكل الاحرف حيث بائت محاولاتهم شبه الصادقة جميعا بالفشل .
رقد فارسنا كسيحا مغلوبا على أمره يعاني الامرين ؛آلامه وفقدان الهويه…من أنا ؟ لا أذكر.
قليلا فقليلا بدأت أطرافه تفقد الاحساس ولم يتمكن قلبه من دفق الدماء لها فبقيت معلقة به وكأنها ليست منه.
اجتمعت كريات دمه المقاومة للامراض؛ وقررت تجميع الصفوف لردأ الخطر وتدمير مستعمرات العدو الغاشم متسائلة بأمل:نحن ما زلنا خلايا فتيه وليس أمامنا من بد الا حث الخطى واستنهاض الهمم من حولنا لتشكيل منظمة وبناء خطوط متقدمة للمواجهة.
تتابع العمل بنشاط وعزيمة داخل الجسد الواهن وخارجه لطرد الغازي واستعادة الهوية المنسية؛واستمر لاشهر عديدة ما بين نصر من هنا وانكسار من هناك.
وبعيد ما يقارب العشرين شهرا اللاحقه من النضال الحثيث ؛ استطاعت الخلايا المقاومه وبانتفاضة مباركه  من انتزاع أطراف الطفيل المحتل الفاشي ووهبت رحيق انتصارها لزهرة "فل" لتصبح أول الحروف من اسم الفارس .
تحايلت الطفيليات مجددا على الجسد المزهو بانتصاره واستطاعت النفاذ لبعض خلايا الدم الحالمة المستوطنة حديثا محاولة جهدها لاقناعها بتبني اسما جديدا وهوية مزيفه : ما رأيك باسم وزة؟ انه جميل ولائق ومدعاة للسلام ! او اذا أحببت منحناك من رحمتنا اضافة عليه اسم انثى لا تلد تدعى سميحه؟؟؟
سكن الجسد بعدها طويلا يتخبط ما بين الاقتراح الهزيل للدم الحالم ورفض بقية الخلايا لهذا التواطؤ… حتى أتى يوم حاول فيه المحتل تدنيس المقدسات ؛ فكانت له المقاومة بالمرصاد وردته على عقبيه منكسرا ذليلا. لم يهنأ للمحتل عيش بعدها ؛ فأضمر الشر وأضرم النار في الاخضر واليابس وحاول جاهدا مسح المقاومة عن بكرة ابيها.أتاه الرد سريعا من شبل أنجبه الزمان من رحم الثورة والعروبة فخرج علينا جند من عند الله مسلحين بالعزيمة مدججين بالايمان ؛ زلزلوا الارض وابتلعوا جحافل الطغيان ؛ ومرغوا وجه المحتل في الطين ومن شد أزره. وامتطى الدم المظفر ناصية السرور والتصقا الى حد الاندماج حتى باتت ناصية السرور "س" قلب الحروف من اسم الفارس.
ومع هبات النصر العليلة تلك والاتيه من الشمال ؛ ارتجف الطفيل الرجفة الاخيره في محاولة يائسه لمنع الاحرف من الالتقاء وتشكيل اسم الفارس ؛ فقتلت وفتكت وشنعت وحرقت وجوعت وأجرمت!!! فما زادها ذلك الا انغراسا في برك موحلة من الطين.
انتصب الفارس عملاقا بعدما تكللت جهوده بالنجاح لاستعادة الاسم المغتصب ؛ وانتزع الاعتراف باسمه المقدس من كل من حوله قريبا كان أوبعيدا ؛ ثم تناول حفنة من "طين" أرضه الحبيبة المشبع بالدم الطاهر وصاح بملئ شدقيه: نعم؛ انا اسمي" فلسطين" ؛ كنت … وما زلت…واقسم أمام الخالق والمخلوق أنا الابقى.
"لا تضحك ؛ سمعت أنك فطين
هل عرفت من أكون ؟
أنا كابوس ليلك الذي لن يستكين
أنا مجاهد فلسطين"
 حفظك الله ودمت سندا لهذا الفارس
 سهير وادي