حَطِّمي القَيْدَ واسْتَفِيْقِي وثُورِي
واكْتُبِي بالدِّماءِ مَجْدَ العُصُورِ
زَمَنُ الرُّعْبِ قَدْ مَضَى فاطْمَئِنِّي
وانْسُجِي الدِّرْعَ مِنْ رُفَاتِ النُّسُورِ
شَيِّعِي حُلْمَكِ المَرِيْضَ وخُطِّي
بِرُؤُوسِ الرِّمَاحِ دَرْبَ العُبُورِ
يَا فِلَسْطِيْنُ يا مِهَادَ الضَّحَايَا
كَفِّنِيْهِمْ بِثَوْبِ عِرسٍ نَضِيْرِ
واجْعَلِي مِنْ رُفَاتِ كُلِّ شَهِيْدٍ
سَيْفَ عِزٍّ لِكُلِّ شِبْلٍ مُغِيْرِ
وَحْدَكِ الآنَ والعُرُوبَةُ ثَكْلَى
والعَضَارِيطُ هُجَّعٌ في القُصُورِ
وَحْدَكِ الآنَ في صِرَاعٍ مَرِيْرٍ
لَيْسَ مِنْ مُنْقِذٍ ولا مِنْ نَصِيْرِ
الرَّعَادِيْدُ يَقْتُلُونَ البَرَايا
بَيْنَ شَيْخٍ وطِفْلَةٍ وصَغِيْرِ
ورُمُوزُ الأَعْرَابِ ماضُوْنَ في الفَحْشَاءِ
والسُّكْرِ والخَنَى في الخُدُورِ
يَا ذِئَابَ الحَانَاتِ كَيْفَ الجَوَارِي
كَيْفَ حَالُ الكُؤُوسِ عِنْدَ الأَمِيْرِ ؟
غَزَّةُ الآنَ وَحْدَهَا تَتَنَزَّى
أَنْقِذُوهَا مِنْ رَهْبَةِ التَّدْمِيْرِ
دَمُكُمْ لَمْ يَعُدْ دَماً عَرَبِيَّاً
دَمُكُمْ صَارَ مِثَلَ بَوْلِ البَعِيْرِ… !!!
المُرُوْءَاتُ تَصْطَلِي في المَلاهِي
والعَبَاءَاتُ أَصْبَحَتْ كَالحَصِيْرِ
وعِقَالُ الأزلامِ صَارَ عِنَانَاً
لِبَعِيْرٍ يَقُوْدُ سِرْبَ حَمْيْرِ
………………
عَطِشَ المَجْدُ فاتْرِعِيْهِ كُؤُوسَاً
مِنْ دَمِ الثَّائِرِ الأَبِيِّ الطَّهُورِ
أَيْقِظِي أَعْيُنَ النِّيَامِ السُّكَارَى
وأَعِيْدِي لِلنَّهْرِ صَخْبَ الهَدِيْرِ
يَالَعَيْنَيْكِ سَهَّدَتْهَا اللَّيَالِي
والمآسِي ومَاتَ صَوْتُ الضَّمِيْرِ
كُلَّ يَوْمٍ يَرْقَى إِلَى جَنَّةِ الخُلْدِ
شَهِيْدٌ مُعَطَّرٌ بِالبَخُورِ
كَلَّ يَومٍ تَنْهَارُ أَعْمِدَةُ الوَهْمِ
وتَهْوِي في لُجَّةٍ مِنْ سَعِيْرِ
يَا دِمَاءَ الأَطفَالِ كُونِي مَنَارَاً
لِمِئَاتِ الأَجْيَالِ عبْرَ الدُّهُورِ
واكْتُبِي سِفْرَ أُمَّةٍ مِنْ جَدِيْدٍ
وانْسَخِي كُلَّ غَابِرٍ مَأْجُورِ
………….
يَافِلَسْطِيْنُ لا تُنَادِي السَّبَايَا
مَنْ تَعَامَوا عَنِ الدَّمِ المَهْدُوْرِ
جُبَنَاءٌ أَذِلَّةٌ وزُنَاةٌ
يَفْعَلُونَ الأَذَى كَكَلْبٍ عَقُورِ
لا أَرَى مَنْ هُنَاكَ صَاحِبَ عِزٍّ
دُفِنَ العِزُّ والإِبَا في الجُحُورِ
وتَهَاوَتْ أَرْكَانُ مَجْدٍ عَظِيْمٍ
وانْطَوَى سِفْرُ عَهْدِنَا المَدْحُوْرِ
لَعْنَةُ الدَّهْرِ سَوْفَ تَطْغَى عَلَيْكُمْ
أَيُّهَا الفَاسِقُوْنَ أَهْلُ الشُّرُوْرِ
أَيُّ عَارٍ أَحَطُّ مِنْ ذَلِكَ العَارِ
حَقِيْرٍ ويَا لَهُ مِنْ حَقِيْرِ
أَيُّ ذُلٍّ يَا أُمَّةَ العُرْبِ هَذَا
أَيُّ حِقْدٍ وأَيُّ أَيُّ شُعُوْرِ
خَائِنٌ وابْنُ ذِئْبَةٍ أَرْضَعَتْهُ
لَبَنَ الغَدْرِ والأَذَى والشُّرُوْرِ
مَنْ تَعَامَى عَنْ كُلِّ شِبْرٍ عَزِيْزٍ
مِنْ فِلَسْطِيْنَ مِنْ جُذُوْرِ الجُذُوْرِ
…………….
يَا فِلَسْطِيْنُ كَفْكِفِي الدَّمْعَ واطْوِي
صَفَحَاتٍ مِنْ مَجْدِنَا المَقْبُوْرِ
أَنْتِ مَهْدُ الفِدَاءِ مُنْذُ قُرُوْنٍ
كَمْ شَهِيْدٍ قَضَى وكَمْ مِنْ أَسِيْرِ
أَنْتِ بَيْتُ القَصِيْدِ يا وَجَعَ الشَّرْقِ
ويا صَرْخَةَ الزَّمَانِ الأَخِيْرِ
أَنْتِ بَحْرُ القَصِيْدِ في شِعْرِنَا الدَّامِي
وأَنْتِ العَزَاءُ لِلْمَقْهُوْرِ
أَنْتِ عِطْرُ الرِّيَاضِ تَحْمِلُهُ الرِّيْحُ
وتُلْقِيْهِ لِلصَّبَايَا الحُوْرِ
يا عَرُوْسَ الزَّمَانِ حُسْنُكِ قَدْ جَرَّ
الرَّزَايَا وكَانَ بِدْءَ النَّذِيْرِ
أَكَلُوا لَحْمَكِ الغَضِيْضَ ورَاحُوا
يَسْحَقُونَ العِظَامَ بِالسَّاطُورِ
أَنْتِ يَا زَهْرَةَ المَدَائِنِ طَيْفٌ
يَتَهَادَى عَلَى جَنَاحِ الأَثِيْرِ
أَنْتِ أُنْشُودَةُ الجِرَاحِ فَزَغْرِدْ
أَيُّهَا الجُرْحُ هَازِئَاً بِالمَصِيْرِ
…………..
أَيُّهَا القَادِمُونَ مِنْ رَحِمِ التَّارِيْخِ
كُونُوا الجُسُورَ فَوْقَ الجُسُورِ
أَرْجِعُوا لِلبِلادِ نُضْرَةَ مَاضِيْهَا
وجُودُوا مِثْلَ السَّحَابِ الغَزِيْرِ
أَنْبِتُوهَا سَنَابِلاً وزُهُوْرَاً
وامْلَؤُوا الأَرْضَ بِالشَّذَى والعَبِيْرِ
واصْمُدُوا فَالعَدُوُّ نَذْلٌ جَبَانٌ
وسَتَأْتِي نِهَايَةُ المَغْرُوْرِ
نَحْنُ لِلسَّيْفِ لِلفِدَا لِلمَعَالِي
مَا خُلِقْنَا إلَّا لِحَفْرِ القُبُوْرِ
عازار نجَّار