بغدادُ يا لغةَ الأديبِ الشاعرِ
وسلاحَ مغوارٍ شجاعٍ ثائرِ
ومؤلفاً فيه الفضائلُ جمِّعَتْ
فيك الجمالُ وأنتِ سحرُ الساحرِ
بغدادُ يادارَ الأباةِ ومن رووا
أرضَ البطولةِ كابراً عن كابرِ
في كلِّ لونٍ للفضيلةِ أمةٌ
يروون بالسندِ الصحيحِ الزاهرِ
بغدادُ يا منصورُ حينَ تصوَّرتْ
في فكرهِ دارُ السلامِ الوافرِ
هو من أقامَ بهمةٍ أكرمْ بها 
دارَ الخلافةِ في الزمانِ الغابرِ
بغدادُ يادارَ الرشيدِ ومن سمتْ
للمجدِ همتهُ بعزمٍ هادرِ
بغدادُ يا تاريخَ علمٍ أشرقتْ
شمسٌ هناكَ لبحرِ علمٍ سائرِ
من أينَ أبدأُ والصحائفُ كلُّها
بيضٌ عِذابٌ كالنميرِ القاطرِ
منْ لي كمثلِ أبي حنيفةٓ فطنةً
والزهدُ أينَ ومنْ كعبدِ القادرِ
وإذا أطالعُ أحمداً أبكي هوىً
ذاك الذي ماهانَ عندَ الجائرِ
نالَ الإمامةَ رتبةً أكرمْ بها
من بعدِ وقفتهِ بعزمِ الصابرِ
بغدادُ أينَ أقودُ فيكِ سفينتي
أم كيفَ أجمحُهُ حصانَ مشاعري
أنتِ الهوى والحبُّ بحرٌ زاخرٌ
رفقاً بقلبٍ في محيطكِ ماخرِ
مابينَ جسرِكِ والرُّصافةِ أينعتْ
لغةُ الجمالِ لدى الجميلِ الماهرِ
ما كنتِ إلا للحياةِ منارةً
نهراكِ ماءٌ للحياةِ ففاخري
أعطي دروساً للقساةِ ومن أتوا
فيكِ الفظائعَ من عبيدِ الكافرِ
شاهوا وشاهتْ طُغْمةٌ لعبتْ بما
تحوينَ من قلبٍ كبيرٍ آسرِ
لي فيكِ يا بغدادُ ألفُ حكايةٍ
والعينُ مابرحتْ بدمعٍ ناثرِ
والروحُ تسري في المساءِ لدجلةٍ
وتطوفُ بين معاهدٍ ومنابرِ
جلستْ على شطِّ الفرات فأدركتْ
ما السرُّ حينَ بكى الفراقَ جواهري
بغدادُ مانظرتْ إليك قصيدتي
إلا انحنتْ لكِ يا شفاءَ الحائرِ
لي في الحياةِ مطالبٌ ومآربٌ
ومناي تقبيلُ الترابِ الطاهرِ
وأطوف فيكِ شوارعاً ومرافقاً
وبساحةِ الزوراءِ يأنسُ خاطري
سالم الضوّي