كان الحاج أبو كمال تاجراً موسراً، وكان نائباً لرئيس المركز الإسلامي الذي كنت أعمل فيه، ولعله كان أكبر الذين يديرون المركز سناً، فكنت أناديه بِ "عمّي الحاج"، ولم أكن أعلم أنه كان يتضايق من هذه التسمية لأنها تُشعره بكبر سنه، حتى أبلغني إمام المركز بذلك، فتوقفت عن مناداته بتلك العبارة.

ولما كنا قد اشترينا مبنى المركز الإسلامي بعد أن كان معبداً يهودياً، وقمنا بدفع دفعة أولى من ثمنه وتقسيط الباقي بواقع خمسين ألف دولار شهرياً بلا فوائد ربوية. كنا لا نتمكن أحيانا من جمع المبلغ الشهري من رواد المركز، فكان أبو كمال يأتيني بالمبلغ من ماله الخاص، على أن نسدده له بعد ذلك عند توفره معنا. ولطالما حاولت أن أعطيه إيصالاً بما أستلمه منه من أجل حفظ الحقوق فكان يرفض ذلك.

لم يعمّر أبو كمال طويلاً إذ كان يعاني من مرض الكآبة، وقد كان شكا لي في هذا الأمر بعد أن توطدت العلاقة بيننا، وأخبرني أنه ولله الحمد رجل موسر ولا يعاني من مرض جسدي، ولا توجد لديه أية مشكلات أسرية لكنه يشعر بكآبة شديدة. توفي الرجل الكريم في الخمسين من عمره بعد أن ترك أثراً طيباً وسيرة عطرة.. وكلما تذكرت الحاج أبا كمال أتذكر قوله تعالى: "نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا"، فأقول في نفسي:"السعادة لا تكمل في هذه الحياة الدنيا". رحم الله أبا كمال وأسكنه فسيح جناته.
بقلم:نجم رضوان