القدس من اهم المدن المقدسة ، حيث تتمتع بمكانة عظيمة لدى العرب ،مسيحيين ومسلمين ، منذ عشرات القرون ،فهى مهد المسيح (عليه السلام) أولى القبلتين ، وثالث الحرمين الشرفين ، كما أن مدينة القدس قد شهدت عددا ،من الوقائع والمعارك المهمة التى تركت بصماتها على مجرى التاريخ ، مما ذاد من أهمية مدينة القدس ، بشكل عام ، وأهمية أوقاف القدس بشكل خاص . ويؤكد على ذلك مفتى القدس ، سماحة الشيخ عكرمة صبرى ، قائلا :"البلدة القديمة فى مدينة القدس ، وأكنافها المعروفه إنما هى كلها وقفيات بمقدستها وبجميع مبانيها وعقارتها "(1)

ماذا يعني وقف المكان
 معنى الوقف :لغة الوقف مصدر للفعل وقف بمعنى حبس .
 شرعا : الوقف هو حبس العين ،المملوكة ،ملكا تاما ، عقارا أومنقولا ، والتصدق بمنفعته على ذي القربى ،اوغيرهم .
 الوقف فى الاسلام نوع من البر والإحسان ،وكانت عمليات الوقف شائعة ،في عهد الرسول (ص)،واالخلفاء الراشدين ،واستمرت على امتداد مختلف العصور الاسلامية .(2)
انواع الوقف: هناك نوعان من الوقف ،الوقف الخيرى :وهو ماخصص ريعه ،ابتداء ،لصرفة على جهة من جهات البر ، كالوقف على المساجد ،والمدارس ،والمستشفيات ، والملاجئ ……الخ .
الوقف الذرى : وهو ماخصص يعة للواقف نفسه ،أولغيره من الأشخاص ،الذين يحددهم ، سواء أسما ،أووصفا .
أركان الوقف : الواقف ،الوقف ،الموقوف عليه.
شروط الوقف: لا يجوز بيع الوقف عقارأ ، أو منقولا ، إلا بمصوغ شرعى .وعلى المتولي الشرعي للوقف المحافظة على اعيان الوقف ،ومنع التعدي عليه ،والعمل على رفع الاعتداء ،عند حدوثه ،فضلا عن العمل على إصلاح الوقف ،وترميمه ، وغير ذلك من الواجبات ،التى تكفل استمرار الوقف ، وتأدية لوظيفته .(3)
 يجب أن تكون هناك لإدارة للوقف ، تقوم على خدمته، ورعايته، تتكون من ناظر للوقف ، ومتولى الوقف ، ثم الجابي.
الاوقاف الإسلاميه (العهدة العمرية )
 اتسم العصر الإسلامي ،منذ بداية القرن السابع الميلادي ،الآول الهجرى ، بالفتوحات الإسلاميه للبلاد المجاورة ، وكان للقدس نصيب من ذلك ، فدخلت القدس ،وماحولها من مدن ، مرحلة جديده ، ومهمة من تاريخها .في عهد الخلافة الاسلامية ، بعد معركة الريموك ، عام 13 هجرية ، 633 ميلادية ،فى عهد الخليفة الثانى ،عمر بن الخطاب (رضى الله عنه) ، وبقيت فلسطين ، والقدس ، تحت ظل الخلافة الإسلامية ، حتى اخر عام 1917م،مع اختلاف لمركز ،الخلافة ، فتارة يكون الخليفة امويا ،وتارة ثانية عباسيا ن وثالثة عثمانيا .(4)
 ظلت القدس هدفا مهما للدولة الإسلامية ،منذ بداية الخلافة الإسسلامية ، فأرسل أبو بكر الصديق (رضى)جيشا ن بقيادة أسامة بن زيد، لفتح بلاد الشام ، محملا بنصائح مهمة "لاتخونوا، ولا تغدرا،ولاتغلوا ،ولا تمثلوا ،ولا تقتلوا طفلا ، ولا شيخا كبيرا ، ولا أمرأة ، ولا تعقروا نخلا ،ولا تحرقوه ، ولا تقطعوا شجرة مثمرة ، ولا تذبحوا شاه ، ولابقرة ولا بعيرا ،إلا لمأكلة . وسوف تمرون بأقوام فرغوا انفسهم في الصوامع ، فدعهوهم ومافرغوا أنفسهم له ".وقد تم تجهيزه أربعة جيوش ، لفتح بلاد الشام ، كان أحدهم بقيادة عمرو بن العاص ، خصص لفتح فلسطين ونجح بن العاص في فتح معظم أرض فلسطين . وحين تولى عمر بن الخطاب الخلافة ، بعد وفاة الصديق ، عام 13 ه ، أكمل ابن الخطاب مسيرة الفتح ، بإرسال جيش ، بقيادة أبى عبيدة بن الجراح ، مع سبعه من خيرة القادة للزحف الى القدس ، وفتحها . ودارت معركة ، استمرت عشرة أيام ، بين الجيش الإسلامى وجيش الروم . انتصر فيها الجيش الإسلامى . ودام الحصار للروم أربعة أشهر ، استسلموا بعدها ، بشرط تسليم المدينة للخليفة نفسه ، ووافقهم أبو عبيدة ، واستمرت الهدنة ، حتى جاء عمر بن الخطاب (ر) واستقر فى جبل الزيتون ، ثم رحل الى القدس ، عام 638م، وتسلم مفاتيحها من البطريرك صفرينوس  ثم زار كنيسة القيامة ، ولقد طلب البطريرك صفرينوس من عمر بن الخطاب (ر) ، عندما حان وقت الصلاة ،أن يصلى الخليفة في الكنيسة ، فاعتذر عمر ، حفاظا على المقدسات المسيحية ، كي لاتكون صلاة سنه لمن يجئي بعده، واختار مكانا آخر ، ليصلى يه .(5)
 معروف بأن عمر بن الخطاب (ر) أعطى البطريرك صفرينوس "العهدة العمرية "التى جاء فيها :"هذا امانا لنفسهم ،وأمواله م ، وكنائسهم ، وصلبائهم ، أنه لاتسكن كنائسهم ، ولا تهدم، ولا ينتقص منها .. ولا من شيئ من أموالهم ، ولايكرهون على دينهم ، ولا يضار أحد منهم . ولايسكن إيلياء أحد من اليهود ".(6)
 كما تضمنت "العهدة " ،أيضا، أن على أهل إليلياء ان يخرجوا من المدينة الروم ، واللصوص ، " فمن خرج منهم ، فهو آمن على نفسه ، وماله ، حتى يبلغوا مأمنهم " ،ومن كان فيها من أهل الأرض (وتعنى بأهل الأرض الفلاحين أصحاب الارض الاصليين )، فمن شاء نهم قعد، وعليه ماعلى أهل إليلياء من الجزية ، ومن شاء سار مع الروم ، ومن رجع الى اهله ، فإنه لايؤخذ منهم شيئ من الجزية ، حتى يحصدو أحصادهم ".
 لقد فرقت "العهدة" بين طائفتين : الروم ، وهم حكام غرباء ، عليهم أن يخرجوا من البلاد ، وبين أهل البلاد الأصليين ، النصارى ، الذين لهم حق البقاء فى بلادهم ، يتمتعون بالحرية الدينية ، ضامنين سلامة أموالهم ، وأرواحهم ، ودور عبادتهم . وتعد هذه "العهدة " بمثابة نواة للاستقلال الطائفى الذى ينم على سماحة الإسلام مع "أهل الكتاب".(7)
 توجه عمر (ر)، بعد ذلك ، الى المكان الذى تقع فيه الصخرة المشرفة ، التى انطلق منها معراج الرسول (ص) ، وكان قد تجمعت عليه القاذورات ، فأخذ عمر ينظفها بنفسه هو ومن معه من الصحابة ، ثم أمر ببناء أول مسجد في الإسلام فى مدينة القدس .
 مكث عمر (ر)، عدة ايام ، في بيت المقدس ، لبحث شؤونها ن ثم غادر إلى المدينة المنورة ، بعد ان خطب في الناس ، عين يزيد بن سفيان عاملا على إدارة مدينة القدس ، تحت إمارة ابى عبيدة ، وعين سلامة بن قيصر إماما للصلاة ، وعلقمة بن مجزر مشرفا على شؤونها العسكرية .(8)
 ظلت فلسطين تحت الحكم الإسلامى حتى آلت الخلافة إلى معاوية بن أبى سوفيان بعد معركة صفين ، على النحو المعروف ،وذهب إلى بيت لمقدس ، ليعلن خلافتة من هناك (عام 40 ه – 661 م) وكان م اهم ماقام به الأمويون بناء الحرم القدسى الشريف ، الذى يتألف من المسجد الأقصى ، ومسجد الضخرة ، ومابينهما ، وحولهما من منشأت ، على مساحة 140900 مترا مربعا . وقد بناها عبدالملك بن مروان ، عام 66ه – 685م، وأوقف على نفقاتها خراج مصر لسبع سنوات متصلة . وقد اكتمل بنائه ، في عام 70ه-691 م .
 لقد أزدهرت القدس ، في عهد الخليفة عبدالملك بن مروان ، وعهد ابنه ، الوليد بن عبدالملك .(9)
 استمر إعمار الحرم القدسى ، خلال مراحل التاريخ الإسلامى ، سواء أيام العباسيين ، أو الفاطيميين ، أو المماليك . وجاء الإعمار على شكل أعمال بناء ، وتوسيع لمساجد الحرم ، أو ترميمها ، واحيانا وقف مبان ، وسبل لزائري القدس ، للصلاة ، والزيارة .(10)
 يشتمل الحرم المقدسى على أربع حوائط ؛شمالى وجنوبى ،وشرقى ،وجنوبى ،وغربى  ،والصخرة المشرفة ، وقبة الصخرة ، المسجد ( الجامع ) الأقصى المسجد ،قباب المسجد الأقصى ، مآذن المسجد الأقصى .فضلا عن أروقة المسجد الأقصى .
وسبل الحرم ،وهى سبيل قايتباى ، وسبيل شعلان ، سبيل بابا الحبس ، وسبيل البديرى ، وسبيل قاسم باشا ، وسبيل السلطان السليمان.(11)
 شملت العقارات المقدسية الموقوفة على الحرم ، الآتى : دار الأيتام الإسلامية ، تكية خاصكى سلطان ؛ كلية روضة المعارف ؛المدرسه البكرية ؛حمام الشفا؛ دكاكين على مقربه منه ،في سوق القطائين ؛دار حبس الرباط ؛ دار حبس الدم .
 المصلى المرواني : يقع في الجهة الجنوبية الشرقية من المسجد الأقصى المبارك ، وكان يطلق عليه ، قديما ، التسوية الشرقية من المسجد الأقصى . يتكون من (16) رواقا ، تبلغ مساحتها (2775) مترا مربعا ، أى مايقارب (4) دونمات ، استعمل فرض الرسول (ص) مصلى للأنبياء جميعا ،ضمن المسجد الأقصى المبارك .وللتسوية مداخل عديدة ، منها مدخلان من الجهة الجنوبية ، وخمسة مداخل من الجهة الشمالية ، استخدمه معاوية ،كمصلى ومكان للتدريس ، وخصص فى ،زمن عبدالملك بن مروان ، كمدرسة فقهية متكاملة ، ومن هنا أطلق عليه اسم المصلى المرواني.(12)
 ظلت القدس ،طوال فترةالحكم الاسلامي ، مزدهرة ، ومنارة علمية ، ودينية  فى آن ،حتى حملة الفرنجة الأولى (عام 1099م-492ه) وفيها تمكن الفرنجة من احتلال المدينة المدسة ،بعد قتال امتد اسبوعين ،قتل خلاله الفرنجة ،داخل المسجد الأقصى ، مايزيد عن السبعين ألفا ،كتير منهم من أئمة المسلمين ، وعلمائهم ، وعبادهم ، حيث قام الفرنجة بمحاصرة المسلمين ، فى الحرم الشريف واعطوهم مهله ثلاثة أيام ، للخروج من المدينة ، ومن يتأخر سيقتلوة ، وأما من كان في المدينة من اليهود ، فقد جمعهم الفرنجة في الكنيسة ، وأحرقوها عليهم . وأبقوا على العرب والنصارى ن لكن بدون سيادة دينية ،حيث ألفوا البطريركية الأرثوذكسية ، واقاموا ، بدلا منها أخرى لاتينية .(13)
 استمر احتلال الفرنجة ،لمدة 192 عاما . انتهت ن حين حررها صلاح الدين الأيوبى ،بعد انتصاره فى موقعة حطين ، ودخل مدينة القدس فى ذكرى الإسراء والمعراج، يوم 27 رجب 583ه ، 20 تشرين الأول /أكتوبر 1187م . وقد كان صلاح الدين نموذجا للفاتح المسلم ن على غرار عمر بن الخطاب ، حيث أعطى الأمان للمعتدين من الفرنجة ، على أنفسهم ، واموالهم ، حتى بلغوا الساحل . ثم قام صلاح الدين بتعمير بيت المقدس من جديد ، وأمر بعودة كل أبناء القدس اليها .(14)
وقفية صلاح الدين الأيوبى
 تعد من اهم إنجازات صلاح الدين الأيوبى ، هو وقفيتة التى عرفت ،فيما بعد، بأسمه ، وقد تمت صياغة هذه الوقفية ن فى 17 رمضان سنة 590 هجرية ، وبأمر من صلاح الدين الأيوبى ، وبحضور قاضى القضاة ، آنذاك .(15)
نصت "وقفية صلاح الدين " على الملاك الفسطنية الآتية :
"جميع الدار المعروفة بدار البطرك في القدس ،ومايليها ، بما في ذلك الربع المجاور ، وهو طاحونه ،تعرف بعصفور ، وفرن،ودير، يعرف بالحديد ، وقبو كبير باصطبل البطرك ، ودار شمالي الاصطبل ،وتشمل على أقباء تحتائية بالحمام المعروفة بالبطرك ، والقبو ، والحوانيت المجاورة ،البركة المعروفة بالبطرك ، والربع الملاصق لها ، البركة المعروفة بماملابظاهر القدس ،والقناة التي يجري فيها الماء في هذه البركة الجوانية ، المعروفة بالبطرك ، أرض الحمورة العليا ، الجورة السفلى ، المعروفة بالاسبتارءالبقعة ، قطعة أرض ، تعرف باسم حرج اشبكم ، وقطة أرض ،تعرف باسم راس الحنوص .وتضمنت وقفية صلاح الدين "تحذيرا من ألايدخل على هذه الممتلكات ا] وجه من وجوة التمليكات ، أو يزيلها عن تحبسها سبب من أسباب الانتقالات ، ولايقدح فيها ، تقادم الأعوام والدهور ، محفوظة على شروطها ،لاتغيير ، ولاتبديل، ولايلحقها نسخ ،ولا تحويل ، أبدا ،مادامت السموات والارض ، الى أن يرث الله الأرض وماعليها ".(16)
 كما حددت الوقفية دار البطريرك "سكنا للزائرين ، الآتيين إليها من سائر دول العالم ، "ولايسكن في هذه الدار ، الابمقدار حاجته .وليس لأحد اخراجه منها ".(17)
 الجدير بالذكر ان وقفية صلاح الدين الأيوبى تعد أساسا لجميع الوقاف الاسلامية ،التى تلت في القدس وفلسطين .وتوجد هذه الوقفية بالمحكمة الشرعية بالقدس .(18)
 نهج المماليك طريق الايوبيين ، في سماحتهم مع "أهل الكتاب"، نصارى ويهود ، وعاش اليهود ،في العصر المملوكى ، في حارة لهم ،في بيت المقدس ،شانهم في المدن العربية الأخرى . إلى أن وصل الحكم العثمانى ثمة اوقاف مقدسية عدة  من بعض الأفراد ، أوأوقاف شخصية ، لأقاربهم ،وذويهم منها وقف أفضل الدين محمد بن عمران الحنفي الغزى ، قاضى القدس ،وزوج شقيقية قاضى القضاة ن مجبر الدين عبدالرحم العلمي ، والعين الموقوفة ، هي دار سكن وجهات الوقف على ابن الواقف ، ثم زوجته ، ثم على ذرية الموقوف عليه ،ثم فقراء المسلمين .ويعد هذا الوقف من نوع ذري ،ويقع هذا الوقف في حارة بابا الحديد ، الملاصق بالمسجد القصى المبارك ،من جهة الغرب ، شمالى باب الحديد .وقد كان هذا الوقف ، عام 693 هـ 1293م.(19)
 في 696 هـ 1296م، وقف الأمير علم الدين عبدالله الدويدار مدرسة الدويدارية ن وقرى ، وعقارات اخرى ، والجهة الموقوف لها المدرسة (الخانقاه) الدويدارية شمالى المسجد الأقصى المبارك .ونوع الوقف خيرى ،وجاء في حجة الوقف انه أوقفها ابتغاء وجه الله تعالى ، على ثلاثين نفرا ، طوال العام ، ولضيافة من يرد إليها من الصوفية ، ولمتصوفة ، مدة عشرة ايام .،"ووقف عليه قرية بيرنبالا من القدس الشريف ن وقية مجلا  فى اريحا ، وفرن ،وطاحون ،وعلوهما بالقدس ،ودار ومصبنة ،وست حوانيت ، ووراقة بنابلس ، وثلاث بساتين ، وثلاث حوانيت ، وأربع طواحين ببيسان ،ووقف ذلك هذه الخانقاه ، وعلى تدريس مذهب الشافعى ، وعلى يسمع الحديث البنوى ،وقارئ يقرأ عليه ، وعلى عشر نفر يسمعون الحديث ونفر يتلون كتاب الله كل يوم ختمه وعلى مادح ينشد مدح النبى ذلك بالجامع الأقصى ".(20)
 فى عام 8360 هـ 1432م ،أوقف نائب السلطنة ن بابلسيتن ،وقيسارية ،الأخير محمد ناصر الدين محمد باش بن غرس الدين خليل بن دلغادر الملكي الأشرافي ، والموقوف المدرسة الغادرية ، الكائنة شمالى المسجد الأقصى المبارك ، وخان الغادرية ، وحوانيت .ونوع الوقف خيري .(21)
 في الأول من شهر رجب 838هـ /1434م،أوقف ناظر الحرمين الشريفين ،ونائب السلطنة مدرسة الحسنية الكائنة في حارة باب الناظر ، وقرى ، وأراضي متنوعة ، والجهة الموقوف إليها نوع الوقف خيرى يصرف منه على من يعلم كتاب الله تعالى ،والفقراء القانطون فى الخلاء ، والأيتام ، والمتصوفين، ومن الأماكن الموقفه في هذه الوقفية "قرية دبوان ،تابع قدس قريه أم طوبى (2)،تابع قدس ،قريه عنب (3) ، تابع قدس تماما ،قرية طيبة الاسم نصارى (4) ، تابع قدس ، مزرعة مالحة الكبرى (5) تابع قدس تماما ، قرية عصيرة الشمالية (6) تابع جبل شام درنابلوس ".(22)
الأوقاف فى العصر العثمانى :
 ضمت الدولة العثمانية بلاد الشام إليها  فى عام 1516 م بعد انتصار السلطان سليم على السلطان المملوكى قنصوه الغوري، في معركة مرج دابق ، قرب حلب .
 وأصبحت القدس جزئا من ولاية دمشق ،ذهب إليها السلطان سليم ،فاستقبله علماء ، ووجهاء القدس ، وعندما تولى ابنه السلطان سليمان ، عام 1520هـ 1560م، اهتم بالقدس ، فرمم قبة الصخرة ، وأعاد تبليط المسجد ، كما رسم جدران الحرم الشريف ، وابوابه، وانشا عددا من السبل ، وأصبح يعرف بخاد الحرمين في القدس والخليل . كما قامت زوجته بزيارة القدس ، وأوقفت أوقافا عليها .(23)
 اضاف العثمانيون إلى الوقاف الكثيرة ، التى وجدوها بفلسطين ، أوقافا جديدة ، كما أنشأوا منشآت خيرية ،ارتبطت بالأوقاف ،لضمان استمرار الأوقاف ، وكانت الأوقاف الخاصة بالحرمين أكثرها انتشارا فى مناطق كثيرة في فلسطين ،وبشكل خاص في القدس ، واللد ، والرملة ، ونابلس .(24)
 جدير بالذكر أن هناك بعض الأقطار العربية أوقف اهلها كثير من أملاكهملحساب أوقاف القدس ،منها عائلات كثيرة يقمون فى مصر ، كذا فقد حظيت الأوقاف ،فى العهد العثماني ، بعناية كبيرة من الدولة العثمانية . مما ذاد من حجم الوقفيات ، وتعدد أوجه الاستفادة منها ، والإنفاق عليها . فمثلا عدد الأوقاف في استانبول ، في الفترة من 1453ـ 1553، بلغ 2515 وقفية ،علاوة على أوقاف السلاطين ، والأمراء ، المقامة في هذه الحقبة مما أدى الى تباين وجهات النظر بين ن الفقهاء حول الوضع القانوني للآوقاف الخاصة مما أدى  بالتالى الى تباين فى إدارة الدولة العثمانية للأوقاف ، من منطقة الى آخرى ، ومن وقف لآخر ، متأرجح بين الصعود والهبوط ، متأثر بأوقات ضعف الدولة العثمانية وقوتها .(25)
أهم الأوقاف الشخصية أثناء الحكم العثمانى
 فى النصف الثاني من القرن العاشر الهجرى ن استقرت عشرات من العائلات الدشقية فى القدس ، نتيجة الثورة العمرانية ، التى قام بها السلطان سليمان القانوني ،آنذاك ،مما أدى الى تضاعف عدد أهالي القدس ثلاث مرات ،في غضون سنوات قليلة .(26)
 لقد تم تسجيل آلف الوقفيات في سجلات المحاكم العثمانية ،في بلاد الشام ،ومن أهمها "وقف الدمشقي "، الذى أكدت كثير من الحجج بأن وقف الدمشقى كان ،فى الأصل ،وقفين منفصلين ،لشخصين من أصل دمشقي ،مقيمان في القدس ،في أواخر القرن العاشر الهجري ،حيث وقف كل منهم وقف مستقلا ، ولكن في عقارات مشتركة بينهما ،ثم دمج الوقفين ،فيما بعد ،بسبب التزاوج بين الورثة .سجل الوقف الدمشقى باسم شهاب الدين أحمد بن الخواجة شمس الدمشقي الشهير بأبن الدمشقي  ، ومحمد الناصر كمال ادين ،الشهير ، أيضا ، بابن الدمشقي ومكان وقفهما بالقدس الشريف ،وخارجها.وذلك ،في عام 1266هـ/1849م،ويشمل الوقف على قطعة أرض فى سلوان "جارية فى وقف المدرسة الناصرية الصلاحية بظاهر القدس الشريف …يحدها من القبلة أرض بيد محمد الدمشقي ".،"ودار تقع بحارة اليهود ، تحت تصرف وارث المرحوم شمس الدين الدمشقي "،ووضحت الحجج بأن العقارات الموقوفة يوزع ريعها على المستحقين ، كما تصف هذه العقارات بأنها "ثلاث دور ،ودكانين ، تقع في محلة اليهود ،وقطعة أرض صغيرة وحصة كبيرة من وادي حلوة فى سلوان ".وتناولت الحجج تعميير وترميم الوقف ،طيلة العهد العثمانى ،وكان قاضي القدس الشريف ،يعين على كل وقف شخص يتابع إجرات التعمير ،والتأجير ،وتوزيع الريع على المستحقين ،فضلا عن تعيين ناظر ، يتولى مراجعة تلك الإجراءات مع المتولي .(27)
 بالاضافة إلي وقف الدمشقي ،هناك أوقاف عدة لدمشقين عاشوا فى القدس ،منها وقف عبدالقادر الدمشقي ،فضلا عن وقفيات عددية ، كانت عقاراتها في دمشق ،ولها مستحقون في اقدس ، منها ـعلى سبيل المثال ـ وقف محمد شمس الدين النصاب الدمشقي ،الكائن في مدينة دمشق ، وعرف وقف النصاب بوقف الحصنى ، بعد أن تولى الاشراف عليه آل الحصني .(28)
الأوقاف فى العصر الحديث
 شهدت الأماكن المقدسة في فلسطين ،مع بداية العصر الحديث ،والذى يبدأ بتولية محمد علي ، الحكم فى مصر (1805م)،تحولات عدة ، حيث اسس محمد علي ، عبر ممثليه في أرض الشام ، لتنظيم الحصول على ريع أوقاف القدس ، وأصبحت القدس تابعة لمصر ، فباتت تحصل مال وقف الحرمين ،والسادات ، لصالح مصر كما كانت هناك مواقف يهودية مشينة ،خاصه أولئك اليهود الآتين من الغرب ، حيث لم يتوقفوا عن محاولة البحث عن استغلال الأوقاف الإسلامية ،أوشراء مساحات من الأرضي،لتحوليها إلى ملكية يهودية ، على حساب الأوقاف الإسلامية ،فضلا عن تغيير معالم الأوقاف ، التي استولوا عليها ،أقاموا عليها شعائرهم ،وخاصة في منطقة المغاربة ،في الحرم الشريف،ففي ثلاثينيات القرن التاسع عشر، تزالت الكتابات إلى محمد علي من شيخ المغاربة في القدس الشريف ، بخصوص تبليط اليهود زقاق البراق ، الكائن بحارة المغاربة ، بقرب دور ووقف سيدي أبي مدين الغوث ، قدس سرة ، الملاصق لسور الحرم الشريف ، وذلك بدون وجه حق .(29)
 كما سعى اليهود ، أيضا ، إلى بناء المعابد وترميم القديم منها ، والتمكين من الأوقاف الإسلامية بالعمل المستمر ، لترخيص الملاك ، فكانوا يستولون على كل مايريدون ، ويقولون "نحن فرنج ".حاول بعض المسلمين مواجهة الأفعال اليهودية العديدة ،المستميتة للسيطرة على الأراضي والأوقاف فى القدس ، تحت حمايه بريطانية لهم ، حيث أنشئ في مصر نظارة للوقف ن وتم تعيين مدير عام مسئول عن الأوقاف في مصر ، ومالبث بعد ذلك أن تم دمج بنى الوقف فى إدارة ونظام جديد ، وأنشئ مجلس إسلامى أعلى، ليتولى املاك المسلمين ، وخاصة أوقافهم . ورغم ذلك فقد ظل اليهود دون نفوذهم على المناطق الإسلامية ، وخاصة مناطق الوقف منها ، ليثبتوا وجودهم ، بعنف ، امام "حائط البراق " ،مما أدى الى تذايد اعمال العنف والقتل في المنطقة ، بجوار الحائط الغربى من الحرم الشريف .(30)
 لقد أدت الاعتداءات المتكررة من اليهود على القدس ،ومحاولة بعض العرب والمسلمين الدفاع عن القدس ، قانونيا ، أمام اللجنة الدولية التى بعثت بها " عصبة الامم " ، في عام 1930 ،لبحث مسألة حقوق العرب "حائط البراق "، استمعت اللجنة الدولية ،المشكلة من سويسرا ، وهولندا ، والسويد ، والمسماة "لجنة البراق "، الى الطرفين ، العرب واليهودى ، وبعض موظفى حكومة الانتداب البريطانى . وبعد اطلاع اللجنة على كافة البيانات، توصلت الى أن ملكية " حائط البراق"،وحق التصرف فيه ، ومايحيطه تعود للمسامين ، ولايحق لليهود سوىالمطالبة بزيارة الحائط فحسب .كما أكدت اللجنة على أن الساحة المجاورة للحائط هي ملك إسلامى ، وتعتبر وقفا للمسلمين ، من قبل صلاح الدين ،منذ عام عام 1193م ، وأن حي المغاربة ، ومبانيه ، التي هدمتها جرفات الاحتلال ، قد أنشئت ، فى عام 1320م،لخدمة الحجيج المغاربة ،وأصبحت أملاك وقف ،بعد أن أوقفها أبومدين لهذا الغرض .(31)
 يتضح من ذلك خطورة المشروع الصهيوني ،في القدس الذي بدأ ، من وقت مبكر ،ولايزال مستمرا ، رغم كل قرارات "عصبة الامم" و"الامم المتحدة "،من يعدها ،وعلى مسمع ومراى من العالم بأسرة …..يتبع

بقلم:آمال الخزامى