( 1 )
هَجَمَ الشتاءُ وطافَ بالأركانِ
فشرعتُ أكتبُ ما يقولُ لساني
الشعرُ دفئِي حينَ تبدأُ وحْدَتِي
فالشعرُ يحفظ ُما يخطُّ بنَاَنِي
الشعرُ يجرِي فِي دمِي ويهزُّني
في لحظةٍ ، ويثور كالبركانِ
هي قصتي أروي فصولَ مسيرِهَا
ما سرَّني منها وما أبْكاني
ماذا أخطُّ وكلُّ حرفٍ يرتَوي
مِنْ دمعتي والعمرُ بالنُّقْصانِ
طَغَتِ الجهالةُ في عصورِ حضارةٍ
مَبْنيةٍ من زُخْرفٍ البُنيانِ
ْ
الجهلُ ليسَ بِترْكِنا لحضارةٍ
الجهلُ فَقْدُ كرامةَ الإنسان
الجهلُ ظلمٌ أو عداوةُ مبغضٍ
وظلامُ سجنٍ في حِمَى السجانِ
هذا أبي ما خطَّ يوماً أحرفاً
عاشَ الحياةَ بزينةِ القُرْآنِ
كمْ كنتُ أعشقُ طِيبةً في قلبِهِ
أوْرِثْتُ منه سماحةَ الإيمانِ
أوْرثْتُ منهُ وداعةً ومحبةً
للـهِ ، للإنسانِ ، للحيوانِ
ما كانَ بسط ُالوجهِ منه تكلُّفاً
إنَّ الوجوهَ منارُ كلِّ بيانِ
( 2 )
إِنِّي فلسطينيُّ أَعشقُ مَوطِنِي
وَعَشِقْتُ حبَّ الأرضِ والأوطَانِِ
وَعشقتُ ذَرْاتِ النسيمِ إِذَا هَمَا
مِنْ كلِّ نَاحيةٍ عَلى أَجْفَانِي
بِعَبيرِ زَهْرِ الْبُرتقالِ فَجَنتِي
أَرضُ الْقَداسَةِ مَا لهَا مِنْ ثَانِي
مَا كانَ ذَنْبِي أنْ أرضِي دُنِّسِتْ
الذنبُ ذَنبِي إنْ تَركتُ حِصانِي
مَا كنتُ إِلا مِنْ سلالةِ خالدٍ
السيفُ سيفِي والسِّنانُ سِنانِي
تُوِّجْتُ فخراً أَننِي فِي موطنِي
أسْعَى لنيلِ كرامتِي وكيانِي
عِشْتُ الطفولةَ مُرَّهَا وَنعيمَهَا
الحبُّ يَجْمعنِي مَعَ الصِّبْيانِ
لَمْ اختلفْ عَنْهم وَلَكنْ ضَمَّنِي
صدرٌ حنونٌ أُسرتِي وَمكاني
فَنشأْتُ اَعشقُ أُسرتِي وَأُجلَّهُم
وَأُجلُّ قَـائِدهُم وَمَنْ رَبانِي
أَمْضَيتُ عُمراً مَا عرفْتُ سُوَى الهُدَى
نُوراً لِدربِي عَفَّنِي وَكَسانِي
مَا شَانَنِي فِعْلٌ قَبيحٌ إِنَّمَا
هيَ جَولةُ الإنْسانِ وَالشَّيطانِ
وَمَضيْتُ أَبحثُ عَنْ مَكانِي عِنْوَةً
إِنَّ الحياةَ تَعُجُّ بَالحرْمَانِ
إِنِّي لأعشقُ مِنْ حياتِي سحْرَهَا
مِنْ غيرِ زيفٍ أَوْ عَمَى أَلوَانِ
اللـهُ أودعَ فِي القلوبِ محبةً
إنَّ المحبةَ منحةُ الـرحمنِ
( 3 )
كمْ سرَّنِي في الناسِ حسنُ صنيعِهم
كمْ ساءنِي حقدٌ معَ الأضغانِ
مَنْ رامَ حبَّ الناسِ وُفِّقَ للهدَى
والشرُ كلُّ الشرِ فِي الطغيانِ
الناسُ جلُّ الناسِ يحسدُ بعضَهم
إلا المحبَّ المخلصَ المتفانِي
لنْ تَدْخلِ البغضاءُ قلباً نابضاً
بالحسنِ يشرقُ نورُهُ الرَّبَّانِي
كلُّ السعادةِ حينَ تُقبلُ طائعاً
لتعمَّ كلَّ الناسِ بالعرفانِ
والبؤسُ كلُّ البؤسِ فِي قلبٍ إِذَا
عَشِقَ العداوةَ فِي عُرَى الشيطانِ
مَنْ شقَّ درباً للمعالِي صانَهَا
عنْْ كلَّ شائبةٍ مِنَ الخسرانِ
قلبِي ليشرقُ مِنْ محبٍّ صادقٍ
والحزنُ يَعصُرنِي معَ العصيانِ
وَلَكَمْ حزنْتُ لمَنْ يبيعُ كرامةً
رَغَبَ الحياةَ بأبخسِ الأثمانِ
( 4 )
المسكُ شِعرِي إِنْ سَألتُمْ مَنْ أَنا
هَذا أَنا مِنْ سَالفِ الأَزمانِ
أحببْتُ فعلَ الخيرِ مَعْ كلِّ الورَى
وعشقْتُ فَرحتَهُمْ مَعَ الإِحسانِ
وعذرْتُ كلَّ الخلقِ حَتَّى أَنَّنِي
قدَّمْتً حُسَّادِي علَى خِلانِي
لا ،لا تَلُمْنِي فِي المحبةِ إِنَّنِي
مَا جئْتُ بِدعاً خَارِجَ الأَديانِ
مَا عِبْتُ شيئاً قَدْ كَفانِي أَنَّنِي
كلِّي عيوبٌ مِنْ يَدِي وَلسانِي
أَعفُو وأَصفحُ عندَ كلِّ مُلِمَّةٍِ
حتَى كأنَّ الصفحََ طوعَُ بَنَانِي
مَا عابنِي أَنِّي سريعُ العفوِ عن
دَ مَذَمَّتِي بَل زادَ فِي مِيزانِي
هَلْ عَابَ شمسُ أَنْ تَعمَّ بِنورِهَا
مَنْ كانَ بينَ الناسِ كَالثُّعْبانِ
مَا أجملَ القلبَ المُحبَّ إذا صَفَا
عمَّ الضياءُ وفاضَ بالإحسانِ
(5 )
وَجمعتُ حُسنَ القولِ حتى أنَّنِي
مَا قلتُ يوماً فاحشاً بلسانِي
وأَخذْتُ عِلْمِي مِن أفاضلَ سادتِي
وَمِنَ الأمانةِ حِفْظُ ودِّ البَانِي
مَا همَّنِي رزقِي فإنِّي مؤمنُ
أنَّ المقسمَ زَادنِي وَكَفانِي
زوجِي وطفلِي وابنتَيَّ سَعادتِي
مَا أكرمَ الرزاقَ كَمْ أَعطانِي
لمْ أشترِ الدُّنيا ولكنْ بُعْتُهَا
والبيعُ ربحٌ فِي الزمانِ الفانِي
فَمحبَّتِي للـهِ كلُّ ذَخيرتِي
وَمَحَبَّتِي للخلقِ دربٌ ثانِي
وبفضلِ حُبِّي للورَى ومَحبَّتِي
للخيرِ أَكْرمنِي بحسنِ جِنانِي
تلكَ السعادةُ عشْتُهَا وَعَشِقْتُهَا
عشقاً لربِي بَارئ الأكوانِ
النارُ تُشْعِلُهَا شرارةُ حاقدٍ
أوْ حاسدٍ أَوْ ظالمٍ أوْ جانِي
والنفسُ إنْ عَشِقَتْ تَضُّوعُ مسْكُهَا
يَسرِي كَمَسْرَى الروحِ فِي الشريانِ
( 6 )
اللـهَ أسألَ يَا أخِي لكَ رحمةً
تَروِي حياتَك رقةُ الإيمانِ
كنْ مشرقَ القسماتِ تُعطِي صورةً
كالفجرِ تمسحُ دمعةَ الأحْزَانِ
واجفظْ لِبَصْمَتِكَ الجميلةِ سحرَهَا
إِنَّ الجمالً بلمسةٍ وحنانِ
قفْ لحظةًً وارْفعْ لواءَ محبةٍِ
حتَى نزيلَ السِّحنَ بالسَّجَّانِ
وأجعلْ شعارَكَ صوبَ هدِيّ محمدٍٍ
هدياً وسمتاً رفقةِ العَدْنانِ
واخرجْ مِنَ الدنيَا نظيفاً طاهراً
مِنْ كلِّ غِلٍٍ مُهْلك الإنسانِ
واطلبْ مِنَ الرحمنِ جَنَّتَهُ التِي
مَنْ فازَ فيهَا فازَ بالرُّضْوانِ
شعر:شحدة البهبهاني