أفْـنَـيْـتَ عُــمْـرَكَ سـاهِـمَاً تـتـرَقَّبُ
والــدَّهْـر مــاضٍ صُـبْـحُهُ والـمـغرِبُ
والأمــنــيـاتُ تــثــاءَبَـتْ أجــفـانُـهـا
والـسَّهمُ فـي طَـيْفِ الأماني خُـلَّبُ
والـخـيلُ مــا عــادَتْ تَـغُـذُّ بـسيرِها
وتَــعَـثَّـرَتْ صـهـبـاؤهـا والأشــهــبُ
والـنَّـفْـسُ تـهـفـو والـعـيـونُ كَـلِـيْلَةٌ
والـقـلبُ مَـكـدودُ الـجَـنَاحِ ومُـتْـعَـب
مَـضَتِ الـطُّفولةُ مـا رَضـعْتَ حليبَها
وعَــدَا الـشَّـبابُ وأنـت عـنهُ مُـغَيَّب ُ
شَـرِبَ الـزَّمانُ مِـنَ الـوجُـوهِ رحيقَها
فـتـنـافـخَتْ أوداجُــــهُ تَـسْـتَـحْـلِبُ
وإذا الــمـواجِـعُ أشـعـلَـتْ نـيـرانَـها
مــا عــادَ يـنـفعُكَ الـطَّـعامُ الأطْـيَبُ
أَتَـــرُومُ تـطـبـيبَ الـجُـروحِ بـبلسَمٍ
والكَسرُ في أصلِ العِـظامِ مُشَعَّبُ؟
والـمُـرهـفاتُ إذا تــقـادَمَ عَـهْــدُهـا
فـتـثـلَّـمَتْ عــنـد الــقِـراعِ تُـخَـيِّـبُُ
فـالـعُـمرُ أفــعـى والـدقـائـقُ نـابُها
مـــا فـــازَ مـــن لـدغـاتِـهِ مُـتَـهَيِّبُ
رُمْـتَ الـحياةَ ورُحـتَ تـخطِبُ وُدَّهـا
فــأطـلَّ آسـنُـهـا، وغـــابَ الـطَّـيِّبُ
أوَمَــا عَـلِـمْتَ بــأنَّ رحْــلَ مَـتَـاعِها
فـــانٍ، وأنَّ كُـسُـورَهـا لا تُـشـعَبُ؟
مَنْ نــالَ صفواً من فُراتِ شَـــرابِها
سيغوصُ في مِلْحِ الأُجاجِ ويَشْـرَبُ
طُــفْـتَ الــبـلادَ مُـجـالِـداً عَـثَـرَاتِها
تـعـتاشُ فــي ظـلِّ الِّـلئامِ وتـنْصَبُ
والــرِّزقُ فــي كَـبِدِ الـسَّماءِ مُـعَلَّقٌ
لا بــيــنَ أيــديـنـا يُــصـادُ ويُـجـلَبُ
أنَّـى اتَّـجَهْتَ فـقد مُـنيْتَ بـحَسْرَةٍ
ويــروغُ فــي دربِ اصـطبارِك ثـعلَبُ
والـيـومَ ألـقـيْتَ الـعَـصَا بـسـعيرِها
والـظَّـهْرُ قــوسٌ والـشُّموسُ تُـغَرِّبُ
كــم زارَكَ الشَّــــوقُ الجَمُوحُ بِلَيْلَةٍ
والـقَـهْرُ يـأكلُ من حَـشَاكَ ويـنْهَبُ
تــرنُـو إلـــى أرضِ الـصِّـبَـا بـمـرارَةٍ
والـبيتُ في جـوفِ المـدينة يُسلَبُ
سَــكَـنَ الــفـؤادُ، وروحُـــهُ تــوَّاقـةٌ
والـعيشُ فـي ظلِّ العريشةِ مَطْلَبُ
مـــاتَ الـغـريـبُ ولَـمْـلَـمُوا أوراقَــهُ
فـالَّـلحْدُ فــي لـيلٍ بـهـيمٍ مُـرْهِـبُ
خَـاطُوا لـه الأكـفانَ ثـم اسـتعْـجَلُوا
رَدْمَ التُّــــرابِ ولا خـلـيـلٌ يُـصْـحَـبُ
كــم كــان يَـحْـلُمُ بـالـرُّجُوعِ لأهـلِهِ
لــكــنَّ أَشْــــراكَ الـمَـنَـايـا أَقْـــرَبُ
يـــا دَهْـــرُ مـــا أمـهَـلْـتَهُ لـهُـنَـيْهَةٍ
فـالـقـلبُ صــادٍ والـدِّيـارُ الـمَـشْرَبُ
اللهُ ربِّــي كـمْ دَعُـوْتُكَ فـي سُـرًى
فـفُـرَاقُـنا الأوطـــانَ أمـــرٌ يَـصْـعُـبُ
أرجِـــعْ غَـريـبـاً بـــاتَ أكــبَـرُ هَـمِّـهِ
لَحْــداً بمَنْـبِجَ، في ثَــرَاهُ يُغَـــيَّــبُُ
شعر:حسين الحسن